غير مصنفمقالات

الاعلام والتغيير القادم في العراق

د.مازن العلواني

تمتاز اغلب بلدان العالم مثل الولايات المتحدة الامريكية بثنائية القطب في الحكم هناك حزب حاكم وآخر معارض وكل له اعلامه يروج لسياسته وأيدولوجياته مما يتيح للشعب المقارنة العادلة بين خياريين ثالثهما اعلام محايد. ولو اخذنا الدول الإسكندنافية كمثال على تعدد الأحزاب نجد ان الاعلام محايد ويعمل كجهة رقابية لا يرحم من يخرج عن نطاق خدمة البلد والشعب.

تجربة العراق الفريدة بعد الاحتلال عام 2003 ظهرت العديد من الأحزاب تحت غطاء الديموقراطية بلغ عددها 266 لغاية 2021، وجميعها لديها اعلام سواء قنوات فضائية او صحف او ناشطين على مواقع التواصل الإعلامي. لن نركز في توجهات الأحزاب وولاءتها او اجنداتها وانما نركز على محتوى اعلامها

وما يتناوله خلال عقدين من الزمن حيث استخدمت سياسة تخدير العقول ووضعت الشعب في حيرة من امره فهو بانتظار ان يتغير الوضع نحو الأفضل حسب كلام الاعلام التابع للطبقة الحاكمة. من خلال متابعتنا للبرامج السياسية انقسمت الى نوعين أحدهما يبرر ويمجد بإنجازات ومشاريع الحكومة والطرف الثاني يهاجم الوضع السياسي ويتكلم بالفساد المستشري في العراق. حقيقة الامر لم يكن اعتباطا بل هناك تخطيط ودراسات أولها تحييد الاعلام الحر والمهني وفي المحصلة كانت النتائج مبهرة فالشعب الان في حيرة واختلطت عليه الامور ولا يعلم اين الحقيقة واقتنع بالمؤامرات الخارجية التي لا تريد صلاح البلد واصابه الياس في انتظار اميركا ان تغير الوضع السياسي نحو الأفضل وتحاسب الفاسدين وهناك قسم يقبل بالواقع حفاظا على المكتسبات التي حققها وهي الوظيفة.

ولا الوم المحللين والباحثين في الشأن السياسي المستقلين ان يكونوا في حيرة أيضا حيث ان السياسيين أنفسهم نراهم يغيرون مواقفهم وتصريحاتهم بين ليلة وضحاها ولا أحد يستطيع ان يفهم الوضع السياسي وأين تسير العملية السياسية في البلد.

ولكن من نظرة محايدة ومستقلة يمكن نجيب على من يروج ان اميركا سوف تغيير النظام السياسي بالعراق بوجوه جديدة هذا ما نسمعه منذ سنوات ولم نرى شيء على ارض الواقع خاصة وان أمريكا هي من أتت بهذه الشخصيات الى الحكم.

لماذا اميركا تريد حكومة ضعيفة ومنقسمة في العراق ولا تسمح لحكومة وطنية الوصول الى السلطة؟ للإجابة على هذا السؤال علينا ان نعرف ماذا تريد بالضبط من العراق الجميع يعلم بأطماع الدول العظمى مثل اميركا والصين وروسيا بالسيطرة على مناطق البترول بالعالم وخاصة العراق وهنا لا اريد ان ادخل في ارقام وحسابات الخزين والإنتاج بقدر ان العراق ثروة لانتضب من مصادر الطاقة.

ان الاقتصاد العالمي في الوقت الذي يشهد ارتفاعا في أسعار النفط يتخوف من عدم استقرار في ثاني أكبر دولة منتجة سيكون هو آخر ما يريده أي أحد خاصة وان السوق بالفعل يعاني من نقص في الإمدادات خاصة وان ليبيا دولة عربية أخرى منتجة للنفط مزقتها الفوضى السياسية، أي ان اميركا لا يهمها من سيشكل الحكومة بقدر ان من يصل الى الحكم عليه تامين انتاج وامدادات النفط في جنوب العراق.

وتواجه إدارة بايدن خطرا في فقدان للإمدادات العراقية الذي سيقوض الجهود الرامية إلى تهدئة سوق النفط من جهة، والى خفض الأسعار في محطات الوقود قبل الانتخابات النصفية في الخريف المقبل من جهة اخرى.

وسوف يكون الاضطراب السياسي في العراق معززا لموقف إيران في الاتفاق النووي في وقت جغرافي سياسي حساس، يسعى فيه الرئيس الأميركي للتفاوض لإحياء الاتفاق النووي مع إيران التي يمكن ان تستخدم وتناور في تأخير تشكيل الحكومة كورقة ضغط على الإدارة الامريكية.

بالنسبة للولايات المتحدة تعمل الان على تهدئة الاجواء، فالفوضى السياسية في بغداد ليس في صالحها مثل وجود حكومة تعمل بالوكالة لحساب إيران.

بالتالي اميركا تتطلع الى حكومة شرطها الوحيد الحفاظ على امدادات النفط ولا يهمها ان كانت حكومة نزيهة ام لا وهي ليست ضد أي حكومة طالما تضمن تدفق البترول وتخدم مصالحها بعيدا عن الصين او حتى حكومة تابعة لإيران شرط ان تضمن لها أيضا أعلاه.

يقول الخبير في السياسة الخارجية الامريكية، جيمس ايكنز ان سبب الغزو الأمريكي للعراق “هو البترول فمن الواضح أن هذه هي القضية، ولو أن العراقيين كانوا ينتجون الفجل فهل كنا ذهبنا إلى غزوهم؟ بالطبع لا. لقد غزونا العراق من أجل النفط“.

وبالتالي نستنتج ان من أسس لحكومة ضعيفة قبل عشرين عاما وصبر عليها حفاظا على مصالحه لا يمكن ان يستبدلها بحكومة تهدد مصالحه بل ستقوم بالقضاء على أي فرصة لإنشاء دولة قوية ومقتدرة في المنطقة، منبثقة من إرادة الشعوب تحترم حقوق المواطن والإنسانية. وإبقاء العراق ضعيفا، ممزقا، تسهل الهيمنة عليه، بالتعاون مع جهات محلية متحالفة مع الدول الإقليمية، أو الولايات المتحدة، أو كليهما معا.

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى